كم في المقابر من قتيل لسانه

بسم الله الرحمن الرحيم

[size=25]كم في المقابر من قتيل لسانه

اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلامًا ظهرت فيه المصلحة, و متى استوى الكلامُ و تركه في المصلحة فالسنّة الإمساك عنه, لأنه قد يَنْجرُّ الكلام المباح إلى حرام أو إلى مكروه, و ذلك كثيرٌ في العادة, و السلامة لا يعدِلها شيء.

ويناسب هذا المقام إيراد الحديث الذي رواه البخاري و مسلم من طريق أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم: " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليَقُلْ خيرًا أو ليصمت" و هذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرًا, و هو الذي ظهرت فيه مصلحة, و متى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم.

وقد سأل أبو موسى الأشعري رسولَ الله صلى الله عليه و سلم أي المسلمين أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه و يده".متفق عليه.

وسأل عقبة بن عامر رسولَ الله صلى الله عليه و سلم: ما النجـاةُ يا رسول الله؟ قال: "أمسك عليك لسانك, و ليسعك بيتك, و ابكِ على خطيئتك".رواه الترمذي.

فينبغي الإعتناء بحفظ اللسان عناية بالغة, فنترك الكلام إلا فيما فيه خير, فالله تعالى يقول: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}, فالملكان رقيب و عتيد يسجلان كل ما ننطق به من شر أو خير, و لا يسر العاقل أن يرى في صحيفته يوم القيامة كلامًا خبيثًا, فليحرص إذًا على قلة الكلام, و قد روى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من صمت نجا" . واعلموا أن تقليل الكلام يحتاج لمجاهدة النفس لأن النفس ميالة إلى الإكثار من الكلام, و كم هلك أناس بسبب اللسان حتى قال بعضهم:

كم في المقابر من قتيل لسانه......كانت تهاب لقـاءه الشجعان

حفظنا الله و إياكم من المزلات, و جعلنا من أهل الصمت و التقوى

</I>